بشائر الحب

تَعَدَّدَتْ الأقْمَارُ و انْحَنَيْتُ لِوَقْعِ السِّنِين

إِذْ بَلَغْتُ مِنَ العُمْرِ مَا يُنَاهِزُ السِتِّين

أوْسَطُهَا تَضَلُّ الأجْمَلُ

فَأَبْهَى مَا فِي الفُصُولِ الرَّبِيع

لكنَّ وُجُودَكِ غَيَّرَ كُلَّ المَوَازِين

ظَهَرْتِ حِينَ أصْبَحْتُ فِي عِقْدٍ يَمِيلُ لِلْفَنَاءِ

و لَمْ يَبْقَى لِي مِنَ الأمَلِ و الصَّبْرِ إلا القَلِيل

كُنْتِ الأجْمَلَ فِي سَمَائِي و نُورِكِ دَائِمًا لا يَغِيب

مُتَفَتِّحَةٍ كَزَهْرَةٍ تَنَالُ بِسِحْرِهَا

كُلَّ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهَا نَظَرُهُ

أَوْ طَالَهُ مِسْكُ هَوَاهَا

و اسْتَنْشَقَ طِيبَ رِيحِهَا صَدْرُهُ

تَمَنَّعَ و تَمَالَكَ نَفْسَهُ

حِفَاظًا لِمَا بَقِيَ مِنْ هِمَّةٍ و نَشْوَةٍ

ثُمَّ تَوَدَّدَ وَ وَفَى،

فَزَهِدَ فِي أمْرِهِ

حِينَ أَوْقَعَ نَبِيذَهَا مَوْقَعَهُ

فاسْتَبَاحَ المَمْنُوع

و اعْتَذَرَ بُلُوغَ الحَلاَلَ مُتَمَلِّقًا

قَال: القَمَرُ مِنَ السَّمَاءِ مَوْضِعًا

و نُورُهُ نَبْعٌ يَرْوِي دُرُوبَ الحَيَاة

عَلِيُّ المَآرِبِ و المَوَاقِعِ

لا تَطُولُهُ أيْدِي الخَاضِعِين

تَضَارَبَتْ الأوْتَارُ و انْسَابَتْ مُوسِيقَى تُسْكِرُ السَّامِعِين

فَمَا تَزَامَنَ قَمَرٌ و لا تَنَاسَبَتْ لِمَسَارِهَا أَرَقُّ النُّجُوم

و لا أطَلَّ شَمْسٌ و نَوَّرَتْ الدُّنْيَا إلاَّ خَلْفَ خُطَى قَمَرٍ وَلِيد

و لا انْتَظَرْتُ بَشَائِرَ الحُبِّ إلا فِي عُمْرٍ لا يَزَالُ رَبِيع

لكن لا نَمْلِكُ دَقَّ الطُّبُول حِينَ نَنْوِي قَطْعًا الرَّحِيل

سَأَضَلُّ عَلَى نَغَمَاتِ مُوسِيقَاهَا و سَأَرْقُصُ لِذِكْرَاهَا

إن ضَلَلْتُ الطَّرِيقَ يَوْمًا

حَتْمًا سَأُلاَقِي الحَبِيب

و إنْ بَلَغْتُ الفَنَاءَ زَمَنًا

حَتْمًا سَأقْبَلُ حُكْمَ القَدِير

و إِنْ طُلْتُ السَّمَاءَ حُبًّا

فَلَنْ تُثْنِينِ طُولَ السِّنِين

و لا مِنَ العُمْرِ كِبَرًا

و لا مِنْ طَبْعِ الشِّيبِ رَفْضُ النَّصِيب

و لَيْسَ التَّكَبُّرُ فِي العُلَى مَنَاصِبٌ

و لا  في كُلِّ خُضُوعٍ مَذَلَّةٌ

إن أمَرْتَ الحُرَّ مَحَبَّةً

حَتْمًا سَيَكُونُ لَكَ مُطِيع

و إن خَاطَبْتَهُ مُتَكَبِّرًا

حَتْمًا سَيَصِيرُ لَكَ خَصِيم

إن رَأيْتَنِي طَرِيحَ الفِرَاشِ فَلاَ تَبْكِينِي

سَتَتَعَافََى جُرُوحِي وَ أسِيرُ مِنْ جَدِيد

و إن رَأيْتَنِي مُخْتَالَ المِشْيَةِ مُتَبَاهِيًا

فَسَأتَعَثَّرُ وَ أَهْوَى

و سَأبْقَى ذَمِيمًا رَذِيلاً