بين الواقع و المحال

ضاع الأمل بين النهار و الليل

تاهت الساعات بين قديم و جديد

كان الكلام مثل الحديد شديد

و العهد ما يخالفه إلي ما له كبير

و ما يبيع ضميره إلي ما له حبيب

دورت على حالي بين حبيبين

تراني تايهة أصدق مين و كذب مين

الكل يقول كلام مثل عسل بنين

و يعمل حبيب ينسيني أنام الليل

القريب يحاول يغازلني بريحه و طيبه

و لباس فيه ألوان تجلبني كثير

يلبي كل شهواتي و يتحمل اعتباطي

و يستمتع بكل لمسة حنين

يشاركني فرحتي و يتجاوب لنظرتي

يغير من الهوى حين يلامس بدلتي

و من الشمس حين تضوي طلعتي

و لا يرضى لغيره أكون

البعيد دايما بانتظاري رهين

لا يقدر على بعدي و لا يطول يكون جنبي

ساحرني بكلامه المعسول

و سؤالي الدائم و حيرته كالمجنون

يسامرني في صحوتي و غفلتي  

أسكنني بمسرح أحلامه و جنانه

لأغني و أرقص بإغراء و فتون

نصبني ملكة هيامه و ملهمة أشعاره

فأنسى بين السطور حقيقة الوجود

تعبني بغيرته الصارخة

و شوقه الذي يتزايد كل يوم

كيف أرضيه وهو أبعد من المعقول

تراني لمين سأكون؟؟

بَقَايَا فَرِيسَةٍ

تملّك قَلْبِي فَرَسٌ

وَاثِقُ الخُطُوَاتِ

رَقِيقَ المَشَاعِرِ، رَشِيقُ البُنْيَانِ

مُتَنَاغِمَ الحَرَكَاتِ

لَبِيبٌ، وَسِيمٌ

مُتَنَاسِقَ الشِّفَاهِ، بَرِيعَ الكَلاَمِ

رَائِعُ الطَّاِلعِ، مُنِيرُ الوِجْنَتَانِ

مُغْرَمٌ، كَرِيمُ العَطَاءِ

لمَحْتُهُ...

بَيْنَ الصَّحْوِ و الإغْفَاءِ

سَكَنَ مُقْلَتِي

فَرَسَمْتُهُ فِي خَيَالِي بِمُنْتَهَى الوِآمِ

تَرَبَّعَ عَرْشِي، فَأَمَرَ و نَهَى

تَنَعَّمَ مُعَاشَرَةَ عَقْلِي

فَجِسْمِي

و صَارَ يُرَاقِصَهُ

يُلاَعِبَهُ، يُدَاعِبَهُ

اسْتَلْقَى جَسَدِي و هَوَى

تَلاَشَتْ أطْرَافِي حتى تَلَقَّاهَا بِحُضْنِهِ

اِبْتَسَمَ، مُتَعَالٍ

في تعظُّمٍ و كِبْرِيَاءٍ

كَصَقْرٍ بِفَرِيسَتِهِ تَمَكَّنَ

بَانَتْ مَخَالِبُهُ الجَارِحَةْ

نَظَرَاتِهِ الثَّاقِبَةْ، المُؤْلِمَةْ

ظَهَرَ مَا لَمْ تَرْسُمْهُ عَيْنِي

مَا لَمْ تَتَوَقَّعْهُ مُخَيِّلَتِي

تُرَانِي كُنْتُ أَسْذَجُ مِنْ عَقْلِي و مُخَيِّلَتِي

لأَنَّ قَلْبِي هَوَى دُونَ مُخَادَعَةٍ

مَا أعْمَى عُيُونَ الحُبِّ

لا تَلْمَحُ إِلاَّ مَا يُمْلِيهِ القَلْبَ

فَتَرَى الأَنَامِلُ و رِقَّتِهَا

دُونَ المَخَالِبُ و بَطْشِهَا

تَسْتَسْلِمُ لِلْأَحْضَانِ و دِفْؤُهَا

دُونَ التَّفْكِيرِ في تمَلُّقِهَا

تَسْتَحْسِنُ الكَلاَمَ و عَذْبِهِ

دُونَ انْزِلاَقِ اللَّغْوِ و نَحْوِهِ

مُلاَمَسَةِ المَشَاعِرِ و حِلْمِهَا

دُونَ الغَدْرِ و قَهْرِهِ

لَيْتَ عَيْنِي لمْ تَلْحُظَهُ

و قَلْبِي لَمْ يَنْشَرِحْ لِرُسُومِهَا

فَتَكَ بِي، بِقَلْبِي

بِأُنُوثَتِي، بِجِسْمِي

ثُمَّ جَرِيحَةٍ رَمَانِي

أصْبَحْتُ كَبَقَايَا فَرِيسَةٍ

مُتَنَاثِرَةُ الأَشْلاَءِ

تَثَاقَلَتْ خُطُوَاتِي

فِي مُغَادَرَةِ ذَا المَكَانِ

دُونَ رُجُوعٍ و لا الْتِفَاتَةٍ

فَالمَوْتُ أَهْوَنُ مِنَ الإِهَانَةِ

فُؤَادِي...

فُؤَادِي...

لِمَا تَهْوَى الجِرَاحْ و أنْتَ لازِلْتَ جَرِيحْ

باعَدَكَ الفِرَاقُ عَنِ الهَوَى

فَمَا رُمْتَ البِعَادُ 

و لا بَسَطْتَ شِرَاعَكَ للرِيَاحْ

عَلَّهَا تحْمَلْ مَرَاكِبَكَ لِضِفَافِ الوِدَادْ

فُؤَادِي

كَفَاكَ حِلْم

فَالحِلْمُ رَوَّحَكَ و جَابَكْ سَبَعْ مَرَّاتْ

حَتى فَقَدْتَ شَبَابَكْ و اسْتَوَى حَالَكْ

لا طُلْتَ الحُلْمَ و لا شَفَقْتَ لِحَالِكْ

فُؤَادِي

كَفَاكَ أَلَمْ

فَالأَلَمْ أَخَذْ إِلِّي وَرَاكْ و قُدَّامِكْ

مَا تَرَكَ لَكْ حَبِّةْ قَمَحْ

و لا ثِيَابْ تِسْتِرْ حَالِكْ

و لا حتى كَاسْ نَبِيذْ يِنَسِّيكْ آلامِكْ

فُؤَادِي

كَفَاكْ ثِقَة بِالعِبَادْ

فالعِبَادْ مِثْلَ الذِّآبْ

لا تِرُوفْ لِحَالِكْ

تَأكُلْ لَحْمِكْ أكْل و تَرْمِي عِظَامِكْ

فُؤَادِي

كَفَاكْ لَوْم

فاللَّوْمُ لا يُنْصِفُ المَظْلُومْ مِنْ ظُلْمِ الظَّالِمْ

لا يَفْسِخْ الَمكْتُوبْ

و يِرَجَّعْ الزَّمَنْ لِلْمَاضِي

فُؤَادِي

لما لا تَقْبِلِ النُّصْحَ مِمَّنْ يَحِسُّ دَقَّاتِكْ

و تَسْمَعْ كَلاَمْ مَنْ بِهَوَاهْ سَقَاكْ نَبِيذْ قَاتِلْ

لا عَادْ يَسْتَمِعْلِكْ دَقَّاتْ

و لا بَقَى لِيكْ حِسٌّ يَسْمَعُهُ الجَانِي

مُجَرَّدْ صُوَرْ

وَصَلَتْ

بَعْدَ طُولِ الانْتِظَارْ

بَعْدَ هُيَامِ أَحْلاَمٍ و ضَيَاعْ

و مُخَيَّلَةٍ جَابَتْ طُرُقَ الفَنَاءْ

تَفَنَّنْتُ في رَسْمِهَا
لأُحْضِرَهَا هُنَا
بِقَلَمِي و أوْرَاقِي

بِألْوَانٍ شَغَلَتْ قَلْبِي

رَسَمْتُهَا

أَلْبَسْتُهَا مَا شَدَّ النَظَرْ

و هَامَ فِي خَفَاهُ الفُؤَادُ و شَجَا

فَدَنَتْ

كالرَّبِيعِ بَعْدَ شِتَاءٍ أَغَرْ

مُبْتَسِمَةٌ

كالوَرْدِ تَفَتَّحَ لِيَحْضُنَ القَمَرْ

بِأَلْوَانِهَا ازْدَانَتْ الدُّنْيَا

و صَهَلَ الفَرَسُ بِعِشْقٍ و عِزَّةٍ

بِتَبَاهٍ و كَرَمْ

و تناغمت الطيور

فأنجزت ما طَرَبْ

و تنازعت النجوم

تَقَرُّبًا و ثَنَاءْ

و سَالَتْ العُيُونُ مَاءً أَزَلْ

يَسْقِي الأرْضَ و يُنْبِتُ مَا نَدَرْ

يبْعَثُ الحَيَاةَ بَعْدَ أنْ أفْنَاهَا البَرْدُ

تَكَلَّمَتْ...

فَانْزَاحَ القِنَاعُ

و بَانَ لِلأسْمَاعِ سِرُّ الحَيَاءْ

جَلَسَتْ..

وَ فَاحَ رَحِيقُ يَاسَمِينٌ

فَفَلٌّ و إِكْلِيلٌ

و بَانَ الرَّبِيعُ في أبْهَى الحُلَلْ

جَلَسَتْ،

فِي بَهْوِ حَيَاتِي

رَغْمَ طُولِهِ لمَ ْيَتَّسِعْ

لِيَحْضُنَهَا

لِيَحْضُنَ الأَمَلْ

ليُصْبِحَ الحُلْمُ مُجَرَّدْ صُوَرْ

أجملها هواها

و الله ما عاد فيا أمل

لا قادر أتوقف عن الشرب

و لا قادر أتحمل خموله

لا قادر أسلم جسمي للنوم

لا عيوني ترضى تفتح

و لا فارق طيفها جفوني

و الله ما بيا ثقل

و ما عدت قادر أحمل حمولي

و لا شفت طريق الهوى قصر

و لا بَيِّنْ لوه نهاية

ما عدت ألمح نجوم تدلني

و لا قمر يضوي الثنايا

و الله ما بقى بيا دم

جرحي من يومها ما كف نزف

و لا باين في يوم يندمل

و يشفى من ظنونه

و الله دمي راح هدر

لا قريب و لا بعيد راضي يصونه

والله بقيت بجسمي غريب

ما قدرت أنصت لقلبي

و لا عدت أفهم نبضاته

لا قدرت أساير عقلي

و لا عدت أفهم مختطاته

لا قدرت أقفل صدري

و لا عدت أتحمل أوجاعه

و الله إلي بنيته تهد

كنت أظنه من الحجر صوان

إسمنت و حديد حامي

طلع مجرد قش

في أول ريح صار حطام

و لا قدر يحمي محوني

و الله لن أجبر روحي على البقاء

و لا عن الرحيل أمنعها

لن أتنكر لمن ملك هواها روحي

و لا أرضى بالعيش بلاها

فما العمر إلا سويعات

أجملها هواها

ياويلي قداش ظلمتك

يَاوِيلِي قَدَّاشْ ظلَمْتِكْ

لا شكِيتِي و لا هجَرْتِي

و لا خُنْتِي العَهْد كِيفِي أنا

ياوِيلِي قَدَّاشْ ظلَمْتِكْ

لا كسِيتِكْ و لا وَكِّلْتِكْ

لا مِنْ كَلام النَّاسْ حَفَظْتِكْ

قُتْلِكْ نِحِبِّكْ

لا خَبِّيتِكْ فِي صَدْرِي لا حمِيتِكْ

لا ستِرْتِكْ بَعْد إِلي سَلَّمْتِلِي رُوحِكْ

و تِطَمِّنْتِي

ياوِيلِي قَدَّاشْ ظلَمْتِكْ

نَحِّيتِكْ كِي الوَرْدَة مِنْ عُرْفِكْ

حَطِّيتِكْ فِي كَاسِي و مَا سقِيتِكْ

لِينْ شِحْتِي و جفِيتِي

وُصُلْتِي لِلْمُوتْ و مَا رَعِيتِكْ

يَاوِيلِي قَدَّاشْ ظلَمْتِكْ

دُرْت بِيكْ العَالِمْ

مِنْ الجِبَالْ لِلْوِدْيَانِ للمِطَامِرْ

مشِيتِ لِينْ سَقِيكْ تهَرِّتْ

و لا يُومْ قُلْت أحِّيتْ و لا تكَلَمْتِي

ياوِيلِي قَدَّاشْ ظلَمْتِكْ

عَامِلْتِكْ بِقسَاوَةْ

كَيِنِّي عَلَى شَطْ البحَرْ لقِيتِكْ

و لا هَامِلَةْ مَا عَنْدِكْ وِينْ تَوَلِّي

يَاوِيلِي قَدَّاشْ ظلَمْتِكْ

قَدَّاشْ بَكِّيتِكْ

قَدَّاشْ مِن الخُرُوجْ حَرِمْتِكْ

من زِيَارِةْ أهْلِكْ منَعْتِكْ

قَدَّاشْ صبَرْتِي

وجَا اليُومْ إِلِّي رَجَعْت فِيه لِعَقْلِي

و حَسِّيتْ بِذَنْبِي

وَ تَرَجِّيتِكْ تِسَامِحِينِي

يَا وِيلِي مِنْ ظُلْمِكْ يا طُولْ لِيلِي

مين حولك

فتح عينيك تشوف مين حولك

تلاقي الكل من حولك

و الباقي يتمنى يكون حولك

ينتظر نظرة من حولك

يمكن في يوم تحتاج لمين حولك

يمكن ترضى علي جلس حولك

قضى سنين بانتظار كلمة من فمك

تخليه يسعد الكل من حولك

يغني و يرقص من حولك

ابتسمي

لينشرح صدرك

و تشرق الشمس لتنير من حولك

ما أجمل الكون من حولك

من ورود و زهور

و أجنة ازدانت من حولك

من جبال و صحراء

و رمال مثل الذهب غطت من حولك

فبحر ألقى بأمواجه

لترسم أبهى الصور من حولك

و أنهار رقرقت لتسحر بصفائها مين حولك

و عصافير مختلفة الألوان

و الأشكال ترنمت من حولك

يا ورد ليه تخجل من إلي حولك

ياسمين و فل بياض ناصع من حولك

و إنت بمختلف ألوانك

تثير غيرة كل من حولك

وشوك دامي يحميك من إلي حولك

تجمع الأمراء و السلاطين

و توالت الهدايا و القرابين

عساك تقبلي ولو واحد من حولك

و تكوني ملكة و الكل يؤمر بأمرك