mardi 3 avril 2012

قدماء التجمع و تعامل المجتمع معهم




           بعد 14 جانفي و تزايد كره و إحتقار المجتمع التونسي بجل طوائفه و إنتماآته لأزلام النظام المقصي، أبناء و بنات الحزب الذي قهر البلاد و إمتص دماءها لمدة 23 سنة، و بعد ما ضن الجميع أنه سيقع تتبع لهذه الفئة أو على الأقل لقياديها و ناشطيها المخلصين لبن علي و التجمع، وما القضايا المزمع رفعها ضدهم و تجريمهم الذي لا غبار عليه في البداية، و التصريحات السياسية التي نادت بإقصائهم و محاسبتهم و تسليط أشد العقوبات على من إستغل بصفة مباشرة أو غير مباشرة إنتماءه لهذا الحزب.
         مرة الأيام و الأشهر، و جاءت الحكومة الأولى و الثانية،و صدر حكم مستعجل بحل التجمع، و إسترداد أملاكه و كل أملاك الدولة التي كان يتصرف بها، بموجب أو بغير موجب، و إلزام كل الناشطين و العاملين بدار التجمع، و الذين هم في الغالب ينتمون لشركات وطنية و يتقاضون أجورهم منها، أن يلتحقوا بمؤسساتهم و يتم التعامل معهم كباقي العمال، و الذين لا يرغبون في العودة إلى مؤسساتهم يمكن لهم الحصول على التقاعد المبكر.
          تمضي الأيام،الكل يتوعد و يتساءل و يرمي باللوم على من سبقه، و جاءت الإنتخابات و إنشغل الكل في إنشاء أحزاب و تيارات جديدة و بدء إندثار التجمعيين و خاصة منهم أصحاب الخبرة و الدراية و الذين تم ضمهم بوعي أو بغير وعي من جل أحزاب الغفلة، الذين و جدوا فيهم المنقذ و الورقة الرابحة التي يمكن أن تجلب لهم عديد الأصوات.
                بعد مرور سنة و نصف على الإنتفاضة و هروب بن علي، و بعد حكومة الغنوشي التي لم يطل حكمها و التي إتهمت بالتستر على أزلام النظام السابق، جاءت حكومة السبسي و بادرت بمحاسبة التجمعيين و صدر أمر بمنعهم من المشاركة في الإنتخابات أو بإنشاء أحزاب، ثم تراجع السبسي، بضغط من حكومات أجنبية مثل أمريكا و فرنسا و التان لم تدخرا جهدا في الدفاع عن بعض الوجوه التجمعية القديمة، و أعدت الحكومة قائمة بأسماء لم تنشرها، لكن صرحت أن القائمة تحمي التونسيين من التجمعيين الذين تمت إدانتهم و لا فائدة من التشفي منهم.
          اليوم و بعد 100 يوم و نيف من حكومة الترويكا المنتخبة شرعيا وما لا يقل على 5أشهر من تكوين المجلس التأسيسي الضامن في الأصل لحماية حقوق التونسيين و الذي تعهد بإسترجاع الأموال المنهوبة و رفع الضرر المادي و المعنوي عن التونسيين، لم نتوصل بعد إلى إصدار أي قانون يدين أي المنتمين، بل بالعكس، لاحظ التونسيون أن أغلب هؤلاء التجمعيين يتمتعون بكل حقوقهم و يتصرفون في أملاكهم  التي حصلوا عليها في فترات سيطرتهم على البلاد و أموالها و الذين هم مطالبون في الواقع بإرجاعها لأصحابها أو لخزينة الدولة إذا لم نقدر على معرفة أصحابها الأصليين.
          أما التجمعيين الذين رجعوا للعمل بمؤسساتهم أو الشركات الوطنية التي ينتموا إليها أصلا، وهو الموضوع الذي دفعني لكتابة هذه الورقة، هؤلاء لا زالوا يعاملون بإمتياز على بقية العمال، و لا أحد، و لا أي مسؤول يملك الشجاعة او القدرة على معاقبة هؤلاء، يمكن أن يكون فمة أوامر لا علم لنا بها، و التي توصي رؤساء المؤسسات بعدم التعرض لهؤلاء؟ مراعاة لإنتماآتهم القديمة و التي يعتبرونها خدمة للوطن؟ ربما يخافون ردود فعلهم إذا ما طالبوهم بالقيام بواجباتهم كبقية الموظفين؟؟؟
           أسئلة كثيرة تطرح و لا إجابة، من يملك الحقيقة؟ مااذي يريد إخفاءه أهل السياسة؟ لماذا يخافون منهم؟
           أحد هؤلاء التجمعيين ( موظف سامي )، ينتمي للشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية و الذي تم ضمه لمؤسسة التجمع لمدة 20سنة، يتقاضى أجرته و كل الإمتيازات القانونية و الغير قانونية من الشركة الأم كل هذه المدة المنقضية، تم إلحاقه أو بالأحرى رجوعه للعمل بشركته بعد حل التجمع، و منذ ذلك الحين أسند له مكتب و كمبيوتر و أوراق، لكن لا يحضر إلا نادرا (مرة أو مرتين في الشهر و غالبا تكون زيارته للمكتب لا تفوت ½ ساعة) و رغم هذا التغيب المستمر، و الإستهتار بنضام الإدارة و قوانينها التي تلزم كل الموظفين، فهذا السيد لا يجد من يحاسبه أو يعيده للجادة أو يعاقبه كما تنص القوانين الإدارية المعمول بها.
           لماذا يعامل هذا الشخص بالذات بهذه الطريقة؟ لماذا لا يسأل عن غيابه؟ لماذا تدفع له من المال العمومي أجرة لا يستحقها؟ هل أصبح إنتماؤه للحزب الذي نهب البلاد لمدة 23 سنة ميزة تجعله فوق المحاسبة؟
الأسئلة عديدة و المجال لا يتسع لطرحها، لكن أترك لكل مواطن أن يطرح الأسئلة التي يراها، ربما يجد لها مبررا، اما أنا فلا أقدر على فهم ما يحصل فالسياسيون الذين طلبوا أصواتنا بالأمس  ليحققوا لنا العدل و الحرية و المحاسبة، هل تناسوا وعودهم أو أجبروا على تناسيها و تركوا الذئب يرعى بجانب الخروف.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire